الأربعاء، 10 أبريل 2013

رسالة إلى السيد مدير وكالة محاربة الاسترقاق الجديد


المهابة ولد بَلاّل
قد لا يطلع المدير الموقر و السيد الوزير السابق حمدي ولد المحجوب على محتوى هذه الرسالة و قد يسمع بها من بعيد ؛ و قد يطلع عليها عل عجل و بلا مبالاة و قد يأخذ ما فيها بعين الاعتبار و قد و قد ... فما أكثر الاحتمالات بيد إني مسكت القلم لأسجل نصيحة صادقة و ملاحظات جوهرية ليس لأني مواطن مهتم فحسب بل لأني اكتسبت تجربة فتهت في الفيافي بين "آدوابه " في أعماق الوطن في إطار برنامج مكافحة آثار الإسترقاق التابع لمفوضية حقوق الإنسان ؛ هذا البرنامج الذي لم يعطى حقه في الإعلام فظلت دراساته وإستراتيجيته طي الإهمال والكتمان..
في عام 2009 أنشأت الدولة مفوضية حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني التي أطلقت برنامجا سمته "برنامج مكافحة آثار الإسترقاق" بغية علاج آثار ذلك المرض المظلم التاريخي سيئ الصيت المسمى بالرق و قد عهدت بإدراة ذلك البرنامج لأحد الكوادر الوطنية "التكنوقراط " المهندس محمد الأمين ولد محمد خالد الخبير في التنمية المحلية فوضع تصوراته وأركانه واختار فريقا فنيا تاه بين القرى منفذا لمخططات وسياسة البرنامج و كان لي الشرف أن كنت ضمن هذا الفريق في فترته الذهبية
لقد تم تحديد أكثر من 600 قرية أغلب سكانها تأثروا بشكل أو بآخر بالرق موزعة على ولايات الحوضين و لعصابة وكوركول و لبراكنة و تكانت أعتمد منها قرابة 400 قرية نفذت فيها دراسات ميدانية وحددت فيها الأولويات التنموية ؛ ورأت النور في ربوعها الكثير من المشاريع التنموية ووزعت آلات الزراعة و نفذت دراسات المياه وأنشئت منشآت و شبكات المياه والسدود و ورممت مراكز الصحة ووزعت سيارات الإسعاف وكان لديه مخطط طموح جدا واضح المعالم ، بيد أن قضية ملف المفوض محمد الأمين ولد الداده أثر على البرنامج فخفت وتيرته بشكل ملاحظ واستقال مديره وبعد ذلك رغم أني لم اعد أعمل فيه لكن معلوماتي تفيد أنه يغط في سبات عميق
واليوم توجهت الدولة إلى إنشاء وكالة جديدة مهتمة بمشكلة الرق بتمويل كبير وصلاحيات واسعة
نصيحتي الأولى يجب أن لا يهمل برنامج مكافحة الإسترقاق بكوادره وعماله ودراساته وتجربته و انجازاته و خبرته في السكان جغرافيا وادرايا ؛ لأن من أكثر المآزق والمشاكل التي تواجهها أعمال الدولة وسياسيتها الإقتصادية والتنموية هي كل ماجاءت وكالة أو مشروع ألغى الهيئة التي قبله رغم انهما يعالجان نفس المشكلة ولهما نفس الإختصاص بدل أن تستفيد من العمل الجبار الذي تم انجازه وتفاديا لهدر الموارد التي صرفت
النصيحة الثانية أو الملاحظة سأستمدها من شيخ من شريحة لحراطين التقيناه في احدى قرى باركيول و بعدما شرحنا الجانب النظري من المهمة و هو التحسيس بالقانون 048 ـ 2007 المجرم للعبودية والمعاقب للمارسات الإستعبادية قلنا له ان العبودية مرحلة وباتت خلف ظهورنا وان الدولة تحاول ان تعالج الآثار عبر برامج تساعد المواطنين على النهوض والتخلص من آثار تلك الحقبة المظلمة
قال الشيخ : ساعدونا في زراعتنا و تعليم أطفالنا و توفير الماء الصالح للشرب و علاج الماشية أما قضية " أنت عبد" فسنظل نسمعها الى أن نموت ليس لأننا عبيد أو لأن الدولة ليست جادة ا وان شعبنا لا يريد أن ينهي هذه الحقبة بل لأن هناك أناس يريدون أن يزعجوا الآخرين بكل الطرق ؛ ونحن ندرك أن تلك مجرد سلسلة لن تنتهي فمشكلتنا الفقر المدقع وغياب الخدمات وعندما توفر سيكون الناس سواسية وتزول الحواجز تدريجيا ؛ هذا الرجل لم يتعلم لكن رزقه الله الحكمة وما قال هو خير الكلام ما قل و دل
من هذا الرد علينا جميعا أن ندرك أن العمل الفني والملموس هو الذي سيتوج أي مشروع تنموي وان الخوض في المتاهات النظرية والتركيز على امور جدلية لن يقدم أو يؤخر لأنه أشبع نقاشا عقودا من الزمن
الإنطلاقة الجادة بوضع خطة غير معقدة و واضحة المعالم ترمي الى تنفيذ مشاريع بشكل سريع ؛ خطة تنبت الزرع و تدر الضرع وتحرر الإنسان من أطواق الجهل
ومن هنا يجب التركيز على القطاعات التالية :
ـ الماء الصالح للشرب
ـ الزراعة عبر انشاء سدود كبيرة
ـ التعليم والتعليم ليس فقط ببناء الفصول أو ترميمها أو بناء سكن للمعلم أو زيادة راتبه بل التعويض لأهالي التلاميذ حتى يستغنوا عن خدمات أطفالهم فالفقراء لا يمكن أن يستغنوا عن أطفالهم في اعمال الحقل او المنزل فما فائدة أن يدخل طفل المدرسة ثم يخرج منها كلما حان وقت زراعة حقل أو رعاية بقرة أو شاة ؟ منذ متى نحن في هذه الدوامة ؟ المدارس في آدوابه منذ عقود لكن الفقر والفاقة تمنع الأطفال من ممارسة الدراسة تماما كمن قيد شخصا و رماه في البحر و قال له كما يقول الشاعر : "إياك اياك أن تبتل بالماء" ! الحل لمن يريد حقا أن يقضي على هذه الدوامة هو مساعدة الأطفال على مواصلة التعليم و مواصلة التعليم لن تتأتى إلا في ظل تميز ايجابي حقيقي يسد ثغرة خدماتهم لأهلهم ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق