ليس كل المعلمين يهربون من الريف
ومن مدارسهم تاركين أنين الجهال يصدح وقلوب ذويهم تـتألم ؛ بل البعض على درجة
كبيرة من التضحية ؛ رأيناهم بأم أعيننا يكابدون الكرب و يواجهون الأعاصير الهوجاء
بعزيمة قل نظيرها ؛ عاضين على الواجب بالنواجذ
؛ بين حجرات بائسة واطفال يعانون قابضين على الطبشور بقوة رغم هول المهزلة حتى اختفت نضارة شبابهم و اندثرت ملامحهم
و هم يعلمون أطفال الفقراء المنسيين ..
في عام 2003 سافرت مع احد إخوتي
وأصدقائي المقربين إلى قرية قرب كنكوصة بولاية
لعصابة كان يدرس فيها ويدير تلك المدرسة عاينت كيف يدرس بكل ما أوتي من قوة في حجرة واحدة جمعت
كل المتناقضات لكن حرصه وتصميمه قهر الصعاب
في عام 2007 كنت في بعثة الى تامشكط و منطقة أفله و وجدت معلما من إخوتنا الزنوج في قرية تسمى "أكرجان
أهل أحمد قاسم " وهي من أكثر قرى الوطن وعورة وعزلة ؛ قال انه أخذ حصانا وقضى 12 يوما بين طريق تامشكط و القرية تحت شمس حارقة وتضاريس قاهرة
حتى وصل ..
وفي عام 2009 في أعماق ولاية الحوض الشرقي وصلنا بحدود الواحدة زوالا فوجدنا
معلما وحيدا يجلس بين أنقاض البيوت الهشة وأشلاء المنازل الرثة يقلب عينيه في السراب
ينتظر لقمة طعام متواضعة قادمة من غياهب
الحقول حيث نزح اليها جميع الأهالي سعيا لحصاد محصول يبقيهم على
قيد الحياة
بتلك التجارب
ندرك ان هناك جنودا مجاهيل هم من يبقوا على بصيص أمل ؛ وهذه الحياة التي لا تزال
تدب في جسم دولتنا وشعبنا وقيمنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق