في منكبها البرزخي بين العالم العربي ، والإفريقي ، وفي صحرائها الشاسعة
، بقيت موريتانيا ولوحدها في براثين التخلف .
تتوالي الأيام ، وتمر السنوات ،نصف قرن ، والبلد على هذه الحال .
طفح الكيل ، وازداد التذمر ، من عمال الميناء ،وجرنالية اسنيم ، وتازيازت الذين يطالبون بتحسين ظروفهم ، إلى شباب المدن الذين
يطالبون بتوفير ضروريات الحياة .
تزداد وتيرة الانتقادات، والتساؤل عن سبب هذا الوضع المزري لهذا البلد
؟
ففي المجال الاقتصادي ليس هناك مبرر، لأن يصنف بلدنا كأفقر بلد عربي ،
ليس هناك تفسير لانتشار البطالة في الشباب ، وللوضع الكارثي للعمال ؟
كيف يستساغ هذا وموريتانيا لديها شواطئ من أغنى شواطئ العالم تزيد على
ست مائة كيلومتر، وفيها الكثير من المؤسسات،
و الشركات العمومية ، والخصوصية ، ولديها ثرواتها الكثيرة والتي تزداد يوما بعد يوم ، وشعبها لا يزيد على
ثلاثة ملايين، مع كل ذلك لم يستفد شعبها من وتيرة العولمة ، ولم يتطور هذا البلد
، كما الحال في كل بلدان العالم .
الأمن في هذه الدولة ، قدراته ، لا توازي قدرات أمن الدول في العصور الوسطى .
في مجال الصحة الموريتانيون ، يتداوون في كل بلدان جوارهم ، وغيرها من
بلدان العالم .
وفي التعليم أبناء البلد لا تتاح لهم فرصة التكوين في أي بقعة من العالم
إلا وذهبوا إليها ، لانعدام التكوين في بلدهم .
ما سبب الفشل التعليمي في البلد؟ ، لماذا كل هذه السنوات ،والبلد لا يمتلك
إستراتيجية واضحة ، للتكوين ولا لخلق فرص للتشغيل ؟ لماذا لا يكون هناك سعي لتحسين
أوضاع العمال الذين صبروا بما فيه الكفاية ؟ لماذا لا تحقق مطالبهم المشروعة ، بدلا
من الحديث عن تسييسها؟.
مطالب عمال ميناء انواكشوط ، ومطالب شباب المدن ، مطالب اجتماعية ، تتشابك
فيها الابعاد الاقتصادية ، بالطبقية ،. لابد من استراتيجية واضحة لبناء البلد ، والنهوض
به ، قبل فوات الاوان .
لابد من العدالة الاجتماعية في التكوين ، والتشغيل ، والتعليم هو كلمة
السر لحل الكثير من المشاكل الاجتماعية في بلدنا .
والأخيرفي بلدنا يعاني من الفشل ،وغياب التخطيط ، ماينعدم له النظير .
إلى درجة أن وصل التخبط ، وعدم
وضوح الرؤية أن يتحدث رئيس الدولة ، وأعلى سلطة فيها ، عن عدم قيمة الشعب الادبية.
من أي منطلق قال هذا ؟
أعتقد أن سيطرة ، وقرب بعض العلميين منه في هذه الفترة فقط هو السبب .
لا شك أنه لم يبني ماقاله على أي معرفة بواقع البلد ، ولا أي نظرة استرتيجية
لمستقبله .
وكأن بلدنا سيبقى ضحية لهذا التنافس غير المحمود بين الأدبيين ، والعلميين
، وبينهما يضيع الوطن ، ومستقبل أجياله .
لا يا سيدي الرئيس ، بلدنا بحاجة ، إلى أن يشجع كافة أفراد شعبه ، بكل
تخصصاتهم ، ومكوناتهم .
لا تخفى أهمية التكوين المهني ، ولا ينكره ،ذي بصيرة ، لكن لا يعقل أن
يصير البلد كله مهنيون .
وحتى تركيز سياسة التعليم الآن عندنا على الأطباء ، ستكون عديمة النتيجة
، لعدم ارتكازها على أسس سليمة .
ماذا سيفعل كادر طبي من دون أجهزة ؟، ومن دون مستشفيات لائقة ؟.
لا بد أن تستثمر تلك الأموال التي تستنزف في جلب الأطباء من خارج البلد
، وفي تكوين الأبناء خارجه ، وعلاج المرضى خارجه
، حيث يكون علا ج الواحد منهم في الغالب ، ثمن شراء الجهاز الذي يتعالج به،
في ذلك البلد .
لا بد أيضا من اعتبار الكيف في ذلك ، على حساب الكم ، فبلدنا قرابة ثلاثة ملايين أغلبها في الخارج ، يحتاج للكيف فقط
في كافة التخصصات بما فيها الطب ، والتكوين في الداخل .
هذان العاملان قد يكون لهما كبير أثر في تميز أبناء البلد ، ولا بد في
موازاة ذلك من فتح مؤسسات البلد ، ،أمام الطلبة ، والباحثين ، ليقيموها ، وليكونوا
على دراية بها قبل الوصول إليها ، وهو أمر بعيد المنال في الوقت الحالي ، لانتشار البيروقراطية
بين موظفي البلد ، خاصة كبار المسؤولين ، ويعود ذلك لعدم امتلاك هؤلاء أي تصور ، فضلا
عن امتلاكهم آليات للتطوير .
هذا الخلل البنيوي ، والذي هو من أهم عوائق التنمية في بلدنا راجع لاعطاء
المناصب في الدولة حسب الزبونية ، والمحسوبية .
حيث الكفاءة ليست في الحسبان ، وإن كانت في الذهن ، فهي في مؤخرة الاعتبارات .
لن ينجح البلد في التغلب على هذا الواقع المزري ، لمنظومتنا الأمنية ،
والدفاعية ، ولا على الفشل الاقتصادي والتعليمي .
لن نتغلب على الخلل البنيوي الذي يعاني منه بلدنا ، مالم يتغير الكثير
في سياسة البلد الحالية ، وتتغير الكثير من العقليات المتحكمة في أفراد هذا الشعب ،
وتقديم واجبهم الوطني على العمل الخصوصي ، الذي يجب ان يحد من انتشاره في الصحة ، والتعليم .
لابد من توفير الخدمات الاجتماعية ، لكافة أبناء البلد .
بهذا فقط نحن قادرون على السير في طريق اللحاق بركب دول العالم .
أيوب ولد الشيباني طالب
بجامعة محمد الاول / المملكة
المغربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق