السبت، 9 مارس 2013

مذكرات ثورة ضد العطش (الحلقة الخامسة)


سيمفونية على وتر الماء في مقطع الأحجار (نشرت بتاريخ 14‏/01‏/2013)
بقلم : إسلمو ولد أحمد سالم 
        
منذ عقد من الزمن و يوميات المواطن في مقطع الأحجار مع العطش و نقص الماء لم تختلف: زيارة  قبل طلوع الفجر للحنفيات ، لمدة نصف ساعة  لكل يومين،  و نسبة تفوق 15 غرام للتر من ملح النيترات و درجة عالية من التلوث،  و اضطراب هرموني يطال جل السكان ، و انتشار مذهل لأمراض السرطان و أمراض القلب ، و ارتفاع التكلفة إلى حدود 300 أوقية للمتر المكعب ، المعطيات نفسها ،   باستثناء قصص جديدة حول السفر الطويل و المتقطع للأنابيب من ألاك  و المنذر بالاختفاء في أغلب الأحيان .
عام مضى على مجيء رئيس الفقراء و ربما العطشى أيضا و القصص نفسها تتردد على مسامع المواطنين العطشى و الفقراء معا و تأتي سنوات عجاف على قوم ضعاف في صحراء قاحلة يحملقون بأنظارهم في مشروع يخشون أن يترك في منتصف الطريق دون إبداء الأسباب، كما حدث من قبل للكثير من أترابه

و تأتي أحزب المعارضة بخيلها و رجلها لتزور المدينة و تطلق ندبة  تشقّ دروب الصّمت متناغمة مع خلجات كل أبناء المدينة ، إنه الماء و الماء هنا هو الوتر الذي يحرك القلوب ، و يقف المواطن حائرا بين الاندفاع مع السيمفونية التي أطربته أو النأي بنفسه حتى لا تكون العقوبة في تأخير قدوم  الضيف القادم من بعيد و الذي طال انتظاره
يومان فقط بعد قدوم المعارضة، و كرد سريع على المهرجان، وتأتي التلفزة الوطنية لتكشف مستورا لم يلاحظه  لا ساكنو المنطقة و لا المسافرون المارون على طريق الأمل،  إنها الآليات و الحفارات و اليد العاملة الدؤوبة و السكان المستبشرون بقدوم المشروع و لنستيقظ في الصباح الباكر على الطريق نفسها بجنباتها المقفرة و كأننا كنا في حلم جميل قطعه صوت المؤذن يصدح بالأذان.
سكان المدينة و الذين تعودوا على التأرجح بين الأمل و الإحباط وربما الريبة تجاه الدولة ، يندبون حظهم العاثر مع كل صاحب قرار جديد  و إذا كان العطش يسبب الغباء فهل يفهم من ذلك استهداف للمستوى المعرفي للمواطنين في هذه المدينة أم أنه  الإمعان في سياسة عدم المبالاة و الإنكباب على  التنظير الجاف، المقطوع من الواقع.
كل ذلك وغيره  و المواطن في مقطع الأحجار يعيش يومه مشتتا بين هموم حياة ضاغطة لاهثة مجندا كل طاقاته لمواجهة مخاطر حقيقية  ، محافظا على رباطة جأشه و طلاقة وجهه متمثلا قول الشاعر : 
إن الكريم ليخفي عنك عسرته        حتى تراه غنيا و هو مجهود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق