محمد محمود ولد أبي
كانت سنة 2012م مليئة
بأحداث متسارعة ورثت مخاضها من سنة 2011م
وكان حديث الثورة
هو فعل الشعوب العربية وقَوْلِها،ومن لم يلبس لباسها لحل معضلته أخذ بحكمتها التي تقول
أن دنيا المظلومين ودعت الخوف والسكوت على جراح الماضي الدامية،وأن ليلهم الحالك الهالك
ودع جنون ظلامه وقَتَامه المتدافع وأن مظالم لا بد أن تسترد، فقد آن للظمآن أن يروي
ظمأه من الزلال، فزمن التبعية والرضا بالقشور والتبعية لزيد من أجل سواد عيون عمرو
ولَّى وانقضى .
وبدا أن أسبوعا واحدا
من عشرين سنة ماضية لو بُذِلَ كان كفيلا بتحقيق حُلُم مدينة كاملة في الشراب، فهل يكفي
أن يموت الناس ويزحف آخرون على جثثهم نحو المعاناة ، ليتسلق على الجميع عامر وعمرو
نحو مآربهم الشخصية،دون أن ينعم المنهكون بالماء!!
وهل يكفي أن تأتيَ
أحداث معينة لتوقظ ضمير من عايشوا المعاناة في مقطع لحجار نحو معاناتهم وهل ألقيت المسؤولية
عليهم أصلا في تحقيق حلم بالماء تَناَوَمَ عنه الكبار وتركوه،والشباب من الذين لم يأكلوا
خيرها حتى يرجع عليهم ضَيرُها، ولا ابتاعوا الْمِجَنْ لِيُطالَبُوا بثمنه، فثقيل حقا
على الحاسر مُقَارَعَةُ الخُطوب .
لكن والدهر يُرْكِبُ
من شاء همومه وشجونه،انطلقت بهذه الروح قاطرة الزمان على يد شبيبة أقسمت على ألا تموت
العهود حتى يشرب أهل المقطع القعود.
على ذلك اجتمعت الكلمة
وبدأ الزمان دورته فانطلقت الحناجر بكلمات واضحة وعزائم تأبى الكسر والالتفاف؛ وصح
أن الصدق مركب لا يَغرَق ولا ينقسم ولا يحترق؛ إذا ما ضربته أمواج الرشوة والابتزاز،وصح
أيضا أن من لم يصفق وينافق لن يركب مع المنافقين ولن يخون .
كان في خضم الأحداث
شباب حملوا الْمِشْعَلْ وأضاءوا به وسط النَّفق، فأزاحوا به غبار النسيان،شباب من الذين
خَبَرُوا الأيام وعركوها وأداروا أيدي الندامى على حلوها ومرها وتعودوا أن تكون أ قدامهم
ثابتة في المقدمة ابتغاء انتزاع حقوق أبى الزمان ونفوسهم الأبية إلا أن يكونوا لها .
صرخة مقطع لحجار يريد الماء
يقال إن المبدأ يولد
من الفكرة والفكرة تنبعث من الكلمة،ورب كلمة كانت سبيلا لنيل حقوق ظلت إلى عهد قريب
دون طِلاَبها خرق الْقَتاَد والتماس الفرقدين
فما بالك إذا كانت
الكلمة صرخة منتفضين غير خَزَايَا ولا مخذولين، فقد لا يستغرب أن يُمَدَّ بالصرخات
شراع آمال؛بها تُزاح عتبات الحزن الكأداء.
اتفقت الكلمة على
أن يبدأ القطار في التحرك حتى ينكسر حاجز الصمت فكانت أولى الصرخات مقطع لحجار يريد
الماء ولم تكن هذه الكلمة كأخواتها صرخة في واد أو نفخة في رماد؛بل فعلت فعلها في الفضاء
عملها في الصفحات ،منذ أن ثار البركان عن حمم محرقة من البيانات فنضج في الفيس facebookفي 2009 قبل أن يصطدم بالواقع؛ لتتحول الفكرة صوتا مدويا في مكان ما ظن
الكبار يوما أنها ستصل إليه، وأن المقطع المسكين سيقف فيه ليقول كلمته .
فتنادى شباب المقاطعة
على المكبر اليدوي ليعلموا الدهر أن يدور على من ظن أن القوي يَمْتَنَعُوا، وفي نفس
المكان ورددوا شعارات متعددة، نريد الماء مقطع لحجار ليس كالكمون يسقى بالوعود اقتلونا
بغير العطش............)
ودار المكبر بين
الأيْدي ليوزع على الناس معاناةً كتب لها من جديد ألا تنام تحت غطاء الإهمال السميك،
وعندها انكسرت جميع الحواجز فسمع الأولى حسبوا يوما أن تلك المظاهرات والكلمات والاعتصامات
ما هي إلا سحابة صيف أو زوبعة فنجان ما تلبثان أن تنقشع، وأن الصرخات المتفرقة جهود
ضائعة،وما دار في خلدهم أنها كلمات يدفعها عنفوان بركان، سيحرق خيوط العنكبوت التي
تغطي على المعاناة .
وأنها بداية زمن
ونهاية لعهد طويل ثقيل،أباه الواقع ورفضه التاريخ وثارت عليه الجغرافيا،فبدا يومها
الإحراج على محيا الحكومة وسيدها وأزعجهم الصراخ على بابهم الكريم،ولعله كان من الغايات
إزعاجهم فمن يدري فَبَكيِّ الصحيح يُشْفَى الأعَرْ،وربك يخلق ما يشاء ويختار.
وعندها خير لهم لوا
كانوا يعلمون أن ينتبهوا قبل أن تكون آخر الحلول الاكتواء،وقبل أن ينبعث من القوم أشقاهم،وقبل
أن تحاصر الأمواج سفينة النجاة الوحيدة عند الربان التائه؛وسط بحر المطالب الهائج،
وعندها ستكون الفرص قليلة أمام المتغافلين في زمن لا يرحم في وقت ولد ضائعا أصلا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق