الثلاثاء، 11 فبراير 2014

المركز الثقافي العربي...بعيدا عن الذكرى 50 \ الدكتور ناجي محمد الإمام

ربما أكون من جيلي الوحيد الذي لم يعرف فترة ازدهار عطاء المركز الثقافي العربي بسبب تأخر وصولي إلى العاصمة
لأني من "التراب" التي ظلت رافضة بهدوء "زاوي" لمنتوج دولة "مورتانْ" ومرتبطة أساسا في معاشها ب "إسنغان" وفي معادها بالملك الديان ، رغم الكثافة السكانية و المكانة الإجتماعية و الحيز العقاري المتسع ، فقد كان مجتمعي خلوا من خريجي المدارس الحديثة واقتصر الحضور الوظيفي الحكومي فيه على "مقرئين" للعربية (معلمين باصطلاح الفترة) يعدون على أصابع اليد الواحدة ، لكن أغلب الأسر ترسل أبناءها بعد المحظرة ،وأحيانا كثيرة قبلها، لممارسة التجارة في السنغال، غالبا ، وغامبيا ، أحيانا ، وساحل العاج ، نادراً ، وهكذا بعد "مغامرة الفصل الخامس الابتدائي في أول مدرسة تفتح (بابها الخشبي الأخضر الوحيد ذا المصراعين) دَفعتْ بي المقاديرإلى السنغال ، في رحلة أقراني الطبيعية التي هي أيسرُ وأكثر اعتيادا من تلك المتجهة شمالا عبر بحر الرمال إلى "عين الساحل" حيث نواكشوط التي قلما رآها من الأهل أحدٌ غير من أسلفتُ ..و هذا ما جعلني أصل ، متأخرا ،عاصمة بلدي من دكار بعد ثلاث سنوات و نيف (مايو1974)،ليتملكني العجب عندما حططتُ رحالي في محطة الوصول بلقصر قرب "مطار نواكشوط الدولي" قادما من عاصمة إفريقية الغربية التي احتفلت سنة1955 بمئويتها و شقت ْ بالمناسبة جادة متعددة المسارات ، نحتتْ على ناصية دوارها الرئيس "مسلة فرعونية " مهيبة...فكيف تكون هذه عاصمة المرابطين؟؟
ماذا يفعل المتعود على المراكز والمكتبات ودور العرض و"المسرح الوطني دانيال سورانو" و نادي "الأَرز" و ملعب "إيبا مار جوب" في هذا الصقع حيث الجادة "الجادة" الوحيدة تمتد من المطار إلى المشفى و تتناثر عليها مكاتب متفرقة بطابق واحد غالبا ...
في مدينة "ج" الشهيرة ،حيث نزلتُ في "بيت" (غرفة) كانت ليلتي الأولى بدأتْ بالعَشاء بما تيسر و الأتاي ، وتحلق المضيفون في حصة مراجعة الدروس بين أصحاب المقرر الواحد، وعندما ختمت الإذاعة الوطنية برامجها بالقرآن الكريم ثم السلام الوطني الساعة العاشرة و النصف قبل منتصف الليل ..كان على كل واحد من نزلاء الغرفة أن يقرأ 21 من البسملة و ينفثها في يده اليمنى و يتوسدها طبقا لتوصية الوالدات .. على أن يلزم كل " مطلته" فلا ضرر ولا ضرار سوى ما كان من شخير تعوده الرفاق بسبب طول العشرة و على من لم ينم مراعاة فارق العادة..
بعد أسبوع كنتُ قد شبكت العلاقة بالعلية المثقفة المتوسطة وأساسها من إعلاميي الإذاعة و الجريدة وباحتفاء الأستاذ الإعلامي ذائع الصيت الحسن مولاي علي بي و تعريفي على أخيه الأظرف الأنبل الشاعر اللغوي البارع القاضي فيما بعدُ ، الأستاذ احمد سالم مولاي علي ثُم زاد فضلا عندما جمعني بالرجل الفريد والصديق الصدوق و العالم النحرير و الشاعر الفذ خليلي الخليل النحوي و الشاعر الأديب والشقيق الرفيق محمد كابر هاشم الذي ترجع علاقتي به لمقطع الحجارة اربع سنوات قبل ذلك..و على مائدته السخية في بيته الوظيفي بمدينة3 كان اجتماع الشلة ـ العصبة أدامها الله لأقصى حدود العمر...
وكان الإتفاق على أن تنظم أول أمسية شعرية لي أواجه فيها جمهور بلادي السِّمِّيع العالم ، في قاعة العرض السينمائي ب"المركز الثقافي العربي"، وكان هذا اسمه الرسمي عندما كانت الهوية العربية الأساس و الشرعية والمشروعية....


...يتبع...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق